RSS

الأحد، 15 نوفمبر 2009

نجمة أبلة أمل - ( قصة قصيرة )



لن نستطيع أن نلعب الحجلة اليوم ... فتحذيرات بالقصف لا تجد نهاية لتكرارها على لسان مذيع الراديو تتواصل ... حتى أن خالدا و شهابا لن يأتيا إلى أطلال دار الحاج " عماد " المغبرة بغبار قصف سابق عند أول الشارع الكبير بالمخيم ... هناك اعتدنا أن نلعب بعد أن أردت أوامر الاشتباه جدرانه ذبيحة على الطريق .
أراقب أبى في طريقه للمخبر يحادث " أبا وفاء " صاحب المنزل المندمج معنا بالجدار .. و الحلم .. و أيضا رغبة الحياة الكاملة حتى أن ( وفاء ) ابنته تشاركني تخت المدرسة و طريق العودة .. و أحيانا كثيرة في رغبة الأهل بالضحك علي خجلنا العذري و هم يخططون لجمع أيامنا القادمة معا أثناء جلسة ( لقطع الوقت ) على السطح .
- وفاء لزياد ... و زياد لوفاء
- شو هيى أخر الأخبار ؟
- الله يسلم الجميع
أبى يسرع ليلتصق كعدد متأخر بمؤخرة طابور طويل قد تغتاله فى أى وقت كلمة مهددة ( بالنفاذ ) .. لكن يجب أن يحاول فنحن لا نعلم متى قد يزورنا نهار جديد .
- يا زياد ... لا تنتر في الشباك .. بيكفي قلقى على بيك
صوت أمي المضغوط بين رحى الخوف و مخاطرة الحصول على الخبز ... يزيد درجه أنصياعى لرغبـتها و انسحب بجسدى المتململ على تشوهات ألوان الحائط الجيرية الأصفر الغائب في عمق الأزرق الشاحب ... حتى أسفل النافذة .
السرير .... البرواز الوحيد ... المنضدة الكل يشاركني كآبة الحال في تلك الغرفة التي لم أعرف يوما غيرها .
يلفت نظري حقيبة المدرسة التي يصلبها فى استسلام مسمار الحائط ... أنهــــض لها بســــــرعة واحتويها بحضن اعتذار عن نسياني لها منذ أن جعلوا مبنى المدرسة ( شاهد قبر ) في غاراتهم الأخيرة .
انفض عنها التراب ... أخرج كتاب اللغة و الجغرافيا و النشاط و الدين و كراسة الحساب التي رسمت
لي أبله ( أمل ) فيها نجمة كبيرة .
- تذكر يا زياد ... نجمتنا تختلف كثيرا عن نجمتهم ...أتذكر تفاصيل جملتها حتى أنى ألحظ أن لها اليوم بريق واضح ... يتصاعد

- زياد .... زياد
هل عاد خالد و شهاب رغم كل هذا الترقب المرتعش الذى يجول شوارع المخيم ؟ ... أنظر من النافذة .... لا أرى سوى حجرين يتدحرجان معا على الطريق .
- هل أتخيل أصواتهم ... ؟ أم أنهم يعيشون بمغامراتهم داخل عقلي ؟

أمي في كل مرة تنصحني أن لا أصحبهم ... فهي تسميهم ( مجانين ) لأنهم أعتادوا أن يجعلونى أرى أحجارهم التي تسخر من رعب " الميركافا " و تثير إرهاق طائرة " الاباتشى ".... بينما يصنعان لأنفسهم حكاية خاصة .

والدي يبدو أكثر التصاقا في مكانه بالطابور ... تحتضر بين شفتيه سيجارة لا تقوى قامتها الدخانية على كل هذا الانتظار ... بالتفافة سريعة على أمي المنهمكة فى ملئ مصباح الكيروسين العجوز أعرف أننا ننتظر ليلا طويلا .
- لماذا على أن أقبل ؟
فأنا لا أريد أن أهدر كل عمري مجرد لون عابر يختبئ وراء جدار ... غدا أريد أن ألعب غدا الحجلة على حافة الشمس .
صوت " الزنانة " يكهرب الطابور ... الكل يتبعثر في طريقه ... والدي يركض يتدثر بعراء عرض المسافة نحو مدخل البيت ... قبل خطواته الأخيرة تفترشه بقع الأحمر الدافئ مع طيش طلقاتها العمياء .
- لقد بدأ القصف
- يا زياد ... وينك ؟؟
يدفع الهلع بأمي إلى منتصف الحجرة تدور تبحث عنى ... لكنها لا تجد سوى نجمة أبله أمل يزداد بريقها بشدة .

0 التعليقات:

إرسال تعليق