RSS

الأحد، 15 نوفمبر 2009

و هى لم تعد تسأل - ( قصة قصيرة )


مثل كل يوم تسألني.
ــ على وين يا بو عزة؟
أنظر لها وأنصرف بلا إجابة.. خطواتي ثقيلة على الطريق.. صوت أزيز طائرة هيلكوبتر «الأباتشي» يقترب .. أختبئ .. الطريق تغمره قصص أحجار ثائرة و زجاجات حارقة وصور محترقة.
أعبث بالمفتاح القديم الذي أمسكه في حرص .. التل يقترب وعكازي العجوز يسبقني .. يسود صمت قاتل على المكان.
ــ فليسقط السفاح .. فليسقط السفاح.
شعارات أسمعها مع كل مظاهرة .. عاد الصمت من جديد .. ها هو مكاني الذي أحج إليه كل عام .. فقد كان هنا لي حياة لم يتبق منها سوي هذا المفتاح القديم .. أغمره بموجة حنين .... هناك تقف على مرمي بصري المرتعش دبابة يعقوبية ... أتواري بنفسى خلف التل .
هنا رأيت أم عزة لأول مرة .. انسابت فجأة دمعة مسرعة .. ما أبشع يوم أن أجبرتنا أسلحة عصابات اليهود المنغرسة فى قلوبنا على ترك الدار وحيدا بينهم
صوت أنات وطلقات متعاقبة من مدفع الدبابة تحثنى على اختزال زمن المغادرة ... ألقي نظرة مكثفة أخيرة .. أترك لهم عكازي شاهدا .. أختار الشوارع الضيقة حتى لا يلتقطني قناص في منظاره.
ــ أمسك حجرا معنا يا بو عزة.
ــ محمد جتلوه على حجر بيه.
الطرق تتشابه حولى .. أسير مسرعا وأنفاسي تتلاحق .. استسلم لبقايا جدار مهدم أريح عليه سنوات عمرى الستين ... تزداد رائحة الكاوتشوك المحترق تملأ أنفي.
ــ الموت لهم ... سنعود ... لبيك يا أقصي.
شعارات على الحائط عمرها عمر القضية .. اخترقت رصاصة كتفي .. سائل دافئ ينســـاب على ظهري
ــ أمسك حجرا معانا يا بو عزة.
أنحني معهم .. وأصرخ أريد أحجارا بعدد حروف اسمي وأسماء أولادي وأحفادى ....فتمتلئ جيوبي بحجارة تنزف دما ساخنا.. أرمي مع الرامين.. لكن الحجر غاب عن نظري؟.. أتساءل؟
ــ أين حجري الذي ألقيته؟
ــ لم يعد ملكك يا بو عزة.. فهو هناك يخلق بينهم لنا وطنا
فألقي بحجري الثاني .. وحجري الثالث والرابع.
حل المغيب ولم أعد.. وهي لم تسأل.

0 التعليقات:

إرسال تعليق