RSS

الجمعة، 4 يونيو 2010

ريتشيل كورى - موتها أعطى للحياة الحقيقية ... درسا


أنا و رايتشل كورى
أن تترك حقك فى الحياة مقابل قضية هو ذاك المعنى المكتمل للإنسانية بلا شعارات أو مزايدة ..
و أن تعيش من أجل أن تجد معنا خاصا لنفسك فى الحياة هو ذاك معنى الحياة
و لقد تعلمت قيمة الإنسان و جوهر الحياة و كسر الحواجز و الخروج من حلقة الإنانية .. من موت رايتشيل كورى .. الفتاة التى غادرت الحياة بسنواتها الثلاثة و العشرين ... لكنها خلدت نفسها بإنسانيتها الخالصة و روحها " عالمية الهوية "
فليرحمها الله .. من أجل من ماتت من أجلهم و أجلنا
و اتمنى أن أكون مثلها يوما .... حتى النهاية .
معلومات عن رايتشيل كورى

لا أدري من أين أبدأ وكيف أبدأ..جرت العادة العربية و ربما البشرية أن نحتفل بشخصٍ أو نكرمه يوماً في العام ان تذكرناه..أو أن نحيي ذكراه بعد وفاته على غرار احتفالنا البارد و أحياناً المفتعل بيوم الشجرة والشرطة والحب والأم والأب...الخ..
ولأنني أكتب و أقدم شخصية ثورية استثنائيةخرجت عن الأطر وعن الأنماط وخرجت عن صورة الغربي الذي يرتدي قبعةً وسروالاً قصيراً،يسوح يصول يجول ويرى في العشوائيات ومكب النفايات لوحات فنية وفلكلورية يقف أمامها بانبهار ليقول واو..أو صورة الغربي الذي يرانا ارهابيين،كارهين للسلام،حاقدين على التقدم والحضارة الغربية و يتمنى زوالها..
جاءت هي من تحت أنقاض و ركام صورة مشوهة،متولدةً من رحم بشرية ضامر،عقيمٍ لم ينجب أبطالاً أو أصحاب مروءةٍ منذ زمن بعيد..لتكون صوت الحق ولتبحث عن الحقيقة والحرية بنفسها قاطعةً آلاف الأميال في الوقت الذي تكون فيه الحقيقة أمام أعين الكثيرين فيديرون لها ظهورهم ويتعامون عنها..
لذلك نذكرها اليوم بعيداً عن التقيد بذكرى معينة..فهي علم وتعريف،زهرة تتفتح في الخريف هي رايتشل كوري، شابة اميركية من أوليمبيا (واشنطن) ولدت في العشر من أبريل عام 1979م كانت قد بلغت ربيعها الثالث والعشرين قررت أن تسافر مع مجموعةٍ من رفاقها حينما انضمت الى متطوعين دوليين تابعين لحركات السلام العالمية لمنع الجيش الاسرائيلي من تدمير منازل الفلسطينيين. فقد كان شعور بالتضامن الانساني تجاه هؤلاء الاشخاص الذين لا تعرفهم بالضرورة، لكنها شعرت بالذنب تجاههم لمجرد أن حكومتها تساند من يحول حياتهم جحيماً ، وفى يوم 16 من مارس عام2003 فى حى هناك فى رفح ..بالقرب من "محور فيلادلفي"(ممر صلاح الدين) على الحدود لفلسطين المحتلة مع مصر، جاءت الجرافات والدبابات لهدم البيوت و السلام.. فتصدت لها راشيل بخصرها النحيل..وجسدها الطري..تتقدم بتحدي باتجاه آلة الموت...آلة لا تحسن إلا صنع الموت..أملا منها فى أن تحمى البيوت والشجر..ولكن لم تتردد الجرافة فى أن تسحقها كما سحقت البيوت والشجر.فقد كانت تحاول منع هدم بيت الدكتور سمير نصر الله الذي لطالما استضافها في بيته وكانت أختاً لأبنائه..وقد تم بالفعل هدم هذا المنزل بعد مدة من قدوم أهلها للمشاركة بجنازتها..لطمس معالم هذه الجريمة واخفاء الشاهدين عليها.ويقول الدكتور سمير:لطالما استضفناها وكانت بمثابة أختٍ لأبنائي وكانت تعلمهم الإنجليزية وكانوا أيضاً يعلمونها العربية وكانت تدخل مع زوجتي الى المطبخ وتتعلم الطبخ العربي منها.ويقول عن حادث وفاتها (كنت عائداًمن عملي لأجد رايتشل واقفةً أمام جرافة اسرائيلية تحمل مكبرا وتهتف محاولةً ثنيهم عن هدم المنزل فدهستها الجرافة بعد تجاهل ندائها وصمت ثم أضاف متأثراً..وجدت نفسي أصرخ في حالة هستيرية،هرعت نحو رايتشل لأجد الدماء تملأ وجهها فقالت لي بصوتٍ ضعيف ظهري يؤلمني،وسرعان ما حملناها الى المستشفى لكنها كانت قد فارقت الحياة)..وكان هذا موتها المأساوي الأول أما موتها الثاني فكان عندما حوّلت الصحافة موتها خبراً عادياً أضيف الى أخبار عشرات القتلى، الذين توقف بهم الزمن لحظة مصرعهم. قصة رايتشل اقتصرت على تفاصيل قليلة وصلتنا بمبادرات فردية وعائلية ولم تندرج ضمن حملات تضامن منظمة وواسعة ترافق عادة مقتل مواطنين أميركيين في النزاعات المسلحة.
وفيما لا يزال طالب ساحة «تيانانمين» الذي وقف هو ايضاً في مواجهة الدبابات حتى هشمت عظامه، يغذي المخيلات، ويحفز على الكتابة وصناعة الافلام، ولا تزال صورته مطبوعة في ذاكرتنا وقد تحولت رمزاً للكرامة الانسانية، بالكاد نتذكر من هي رايتشل كوري. فعند ذكر اسمها نعبس قليلاً محاولين نبش صورتها من مكان ما في ذاكرتنا ثم نهمهم «آه طبعاً»، حالما يسبقنا أحدهم الى القول «إنها الاميركية التي دهستها الدبابة الاسرائيلية». ومحاولة التعتيم على قصة كوري بدأت عبر وسائل الاعلام في بلادها وقد وصفتها أكثر من مرة بالشابة الساذجة والمتهورة حتى تحولت المواقف أخيراً قراراً شبه رسمي وإن غير معلن. فأحد مسارح برودواي الذي كان مقرراً أن يستقبل مسرحية «اسمي رايتشل كوري» اعتذر قبل يوم واحد من بدء العرض بحجة أعمال ترميم طارئة. ثم في وقت لاحق قدمت إدارة المسرح أعذاراً من نوع «مرض شارون وفوز حماس يضعاننا في موقف حرج إزاء عرض هذا النوع من الاعمال الفنية».

صحيفة «الغارديان» البريطانية، كانت أول من نشر رسائل رايتشل الى والديها، بعد مقتلها بوقت وجيز. وعربياً، تفردت مجلة «الآداب» الشهرية في عددها الأخير (آذار- نيسان/ ابريل) بنشر ترجمة خمس من هذه الرسائل التي وجهتها رايتشل في شكل خاص الى أمها ومنها الى العالم. أنجز الترجمة الناقد سماح إدريس، رئيس تحرير «الآداب».

... وفي فلسطين
قدمت للرسائل والدة رايتشل، فأخبرتنا قصة بسيطة عن ابنتها، ولكن غير معروفة. فقالت الوالدة بكلام موجز ومعبر ما كان رد فعل ابنتها على اعتداءات 11 ايلول (سبتمبر) 2001. فهي التي تقف وراء انضمامها الى حركة السلام لكونها فهمت قبل حكومتها ربما، أن الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي أساس الغضب العربي والمسلم على أميركا. ورايتشل ليست فقط بطلة صغيرة متهورة، بل هي ذهبت الى غزة خائفة كما تقول الأم. وعندما اتصلت لاحقاً بذويها كانت خائفة ايضاً، «ولكن مصممة» تذكر الأم. ونلحظ في المقدمة كما في الرسائل، أن الدافع الاساسي لسفر رايتشل الى الاراضي الفلسطينية المحتلة هو دافع انساني بالدرجة الاولى، وليس سياسياً. فهي كدافعة ضرائب أميركية رفضت أن تستغل أموالها في أفعال شريرة. قد تحمل هذه الفكرة في طياتها بعض البراءة «الاميركية»، لكنها، في الوقت نفسه في صلب فعل المواطنة. في دفاعها عن الفلسطينيين كانت رايتشل تدافع أيضاً عن فكرة أميركا كبلد، وعن معنى أن تكون هي مواطنة فيه. ففي الرسالة الاولى التي أرسلتها الى «الاصحاب والعائلة والآخرين» في 7 شباط (فبراير) 2003، لم تتوقف عن إجراء المقارنات بين حياة الفلسطينيين الممزقة على الحواجز وحياتها المرفهة التي يبدو استخدام الانترنت فيها أمراً مسلماً وبديهياً. وتقر رايتشل في هذه الرسالة نفسها بأن كل ما طالعته في الولايات المتحدة عن هذا الصراع مختلف عما لمسته على أرض الواقع، كأنها بذلك أيضاً تطالب حكومتها بشفافية أكثر وبصون حقها وحق أي مواطن أميركي في المعرفة. في الرسالة الاولى كانت رايشتل لا تزال تحت وطأة المشاهدة الاولى، وكانت لا تزال متعلقة بمن تركتهم وراءها في أميركا، فجاء توقيعها الى اصدقائها بأسماء دلعهم: «حبي للجميع، لأمي وسموش وأف جاي وبارنهاير وسسميز ومدرسة لينكولن، وحبي لأوليمبيا». أما توقيع الرسالة الاخيرة الذي لا يبلغه القارئ إلا وقد ذرف بعض الدمع، فيدل على التغير الجذري الذي طرأ على رايتشل بعد إمضائها 20 يوماً في فلسطين. «ليتك تستطيعين أن تتعرفي اليهم، ذات يوم كما أتمنى، ستتعرفين اليهم». ختمت رايتشل متوجهة الى أمها.

في 20 يوماً ومن خلال 5 رسائل نشرتها «الآداب»، رافقنا تطور حياة رايتشل. فهي صارت لديها عائلة، إذ تقول: «بيت العائلة تعرض للقصف»، ولها أخ اسمه نضال، وجدة تتشح بالسواد كغالبية الجدات العربيات وتنصحها بالاقلاع عن التدخين، حتى أن رايتشل لا تتمالك عن أن تناديها تحبباً «تيتا». وتطور علاقة رايتشل بالفلسطينيين بدا واضحاً جداً في تواقيع رسائلها. ففيما كانت تنمقها في البداية، وتختار الاشخاص بعناية، بدأت تنشغل عنها لاحقاً. ففي الرسالة الرابعة، تخلت الشابة عن الشكليات لأن وقت الطعام حان وقدم لها أحدهم ما قالت أنه «بازيلاء» peas في النص الاصلي، والارجح أن يكون فلافل. فتوقفت عن الكتابة قائلة: «طيب هناك رجال غرباء أعطوني الآن بازيلاء. عليّ أن آكل وأن اشكرهم».
لم تغفل رايتشل في متن رسائلها توثيق الازمات السياسية التي كانت تعيشها، من التحضير لحرب العراق، وإعادة احتلال غزة، وحفر الخنادق وتدمير 25 منزلاً وانخفاض عدد العاملين في اسرائيل، ووقف تصدير الزهور الغزاوية...

لكن رايتشل، على رغم حماستها حرصت على أن يكون تضامنها مع الوضع الانساني للفلسطينيين مجرداً من أي شحنات سياسية أو عاطفية كارهة للآخر (الاسرائيلي في هذه الحالة). فهي غير مقتنعة بأن بوش أو شارون مجنون كما قالت مرة ممازحة الفلسطينيين، وتحدثت عن الجنود الاسرائيليين كأولاد مجهولي الاسماء فوق دبابات. ولا تنكر رايشتل اسرائيل، فبالنسبة اليها كأميركية، هي دولة حقيقية لها اسم يشار اليها به، لكن الترجمة العربية لم تحفظ لها هذا الحق. ففي كل مرة تكتب رايتشل اسرائيل في النص الانكليزي، يضيف المترجم (فلسطين )بين هلالين في النص العربي، نكراناً منه لـ «الكيان الصهيوني» كما يسميه في المقدمة. والواقع أن لحظة من هذا النوع تضع المترجم أمام امتحان الأمانة الفعلي.
ونستعرض هنا جملة من أقوال رايتشل: *"في فلسطين المحتلة التقيت صغارا لا يتخطى عمر الواحد منهم الثمانية أعوام على بينة من هيكلية القوى العظمى أكثر مما كنت ادركه من حقائق قبل بضعة أعوام ليس الا."
*"ان رفض بعض الاسرائيليين احتلال اسرائيل للآراضي الفلسطينية والخدمة في الجيش الاسرائيلي يجب ان يكون مثالا نقتدي به نحن في الولايات المتحدة من حيث كيفية التصرف عند اكتشافنا للفظاعات التي ترتكب باسمنا"
*"أعتقد أنني سأشهد يوما ما قيام دولة فلسطينية . وأؤمن بأن فلسطين ستشكل بريق أمل للشعوب المناضلة في كل أنحاء العالم كما اعتقد انها ستشكل مصدر وحي للكثير من الشعوب العربية في الشرق الاوسط التي ترزح تحت وطأة أنظمة غير ديموقراطية تدعمها الولايات المتحدة الامريكية".
*"لن يسعك تصور حقيقة الوضع هنا الا اذا لمسته بيديك ... لدي المال. لشراء المياه عندما يدمر الجيش الاسرائيلي الابار وطبعا لدي خيار المغادرة متى شئت. ولم يصب يوما اي من افراد عائلتي بصاروخ اطلق من برج.. لدي وطن. ويسمح لي ان اقصد البحر. وعندما اغادر بيتي اكون شبه متأكدة من عدم وجود جندي ينتظرني على حاجز ليقرر هو اذا كان بأمكاني الذهاب الى العمل او العودة الى منزلي عند الانتهاء منه".
لا أصدق ما أرى ..‏‏ أفكر في هذا بشكل خاص حين أرى البساتين وبيوت الزرع وأشجار الفاكهة مدمرة وهي التي اسغرقت أعواماً من العناية والرعاية .. إنني لا أصدق أن شيئاً كهذا يمكن أن يحدث في العالم من دون أن يثير احتجاجاً أعظم ويؤلمني من جديد كما آلمني في السابق أن أشهد مدى البشاعة التي يمكن أن نسمح للعالم بأن يبلغها..
العجز عن التصديق والرعب ذلك ما أشعر به والخيبة , أشعر بالخيبة لأن تلك هي الحقيقة الحقيرة لعالمنا ولاننا في الواقع نشارك في هذه الحقيقة ... ليس ذلك أبداً ما أردته حين جئت الى هذا العالم ليس ذلك أبداً ما أراده الناس حين جاؤوا الى هذا العالم .. لم أكن أعني أنني قادمة الى عالم أستطيع أن أعيش فيه حياة مريحة وإن أوجد من دون أي جهد في غفلة مطلقة عن مشاركتي في الابادة..

0 التعليقات:

إرسال تعليق