RSS

الثلاثاء، 7 يونيو 2011

زهايمر جماعى - " مقال "


" التسامح الحق لا يستلزم نسيان الماضي بالكامل " هكذا قال الثائر الأفريقى نيلسون مانديلا .. و نحن كشعب مصرى جميل أن ننسى ألم ما سببه عصر مبارك من تجاوزات طالت كل شئ من البشر حتى الحجر . حتى نستطيع أن نعبر دائرة أحكمت قبضاتها علينا أمنيا وحياتيا و ثقافيا فى مقابل خلق طبقة من المقربين تتمتع بكل الحصانات و التجاوزات القانونية التى أخلت بمقادير الشعب داخليا و خارجيا .. فمصر المستقبل تحتاج عيونا تنظر للأمام و أفواه تتكلم بلغة المستقبل لكن هناك من أن يريد أن يخلق له و لنا أعذار عاطفية كى ننسى كل شئ عبر الترويج لحالة من " الزهايمر الجماعى " تهدف لتقليص الحقائق و تصغير الأمور .. حتى يكتبهم التاريخ فى النهاية أبطالا !
فمع تصاعد الضغط الشعبى المطالب بمحاكمة الرئيس السابق على مخالفات و جرائم أضرت بمصر بعد ثورة نادت بالتغيير و تطهير البلد من " مستفيدى " النظام و حاشية حزب لم يتعامل مع الشعب سوى بعرض شعارات رنانة و حملات دعائية لعرض انجازات وهمية وصلت تكلفتها لملايين الجنيهات تم تحميلها لخزينة الدولة بدون أى وجه حق كما كشفت تحقيقات النيابة التى تجرى حاليا ... تظهر علينا أصوات من الخلف تنادى بالعفو عن " الرئيس " بحجج لا تنتهى من وجوب احترام " الكبير " و " الوفاء " و محاولة فرض فكرة " الوالد " و العفو عند المقدرة .. بل تدافع بعض العشرات " الباكئيين " فى أماكن عامة و على صفحات الموقع الإجتماعى الشهير " الفيس بوك " على عصر حقق لهم ما يربون إليه من مساحة فساد واسعة دفعت بهم إلى الصفوف الأمامية على حساب الشعب .
و كأن ثورة شعب أراد الحياة دون " ديكاتور " لم يهتم يوما بغير تحقيق مأرب شخصية و تجهيز الأرضية لتسليم " ورث مصر " لابنه فى سيناريو توريث بدأ تنفيذه علينا منذ سنوات رغم اعتراض الشعب .. يحسب الآن علينا " قلة أصل " منا كما وصفه أحدهم !
بل يحاول بعضهم باستماته فى استغلال سهولة رفع الوتيرة " العاطفية " عند الشعب المصرى الذى اعتاد أن لا يقرأ حتى يريح دماغه ... و أن لا يفهم حتى لا يحبط .. و أن لا يعترض حتى يظل فى مكانه أمام الشمس و ليس وراءها .. فقط يرفع القبعه لمن يسيره .. هكذا فى دينهم يكون المواطن المصرى بغض النظر عن طابور جرائم بدأت مع بداية عصر " السلام " الذى تحول إلى استسلام و مشاريع تدفئة و تواطئ على ثورة مصر الطبيعية .. و تحالف معادى مع أعداء القضية الفلسطينية ... و داخليا فحدثهم بلا حرج .. فبنفس المنطق المراد ترويجه .. أى والد هو الذى يقبل أن يتم تمرير شحننات القمح المسرطن لتصبح خبرا ؟ .. و ماء الصرف غير المعالج يتحول لرى محاصيل مصر ؟ و يقبل أن تحتوى أكياس ملوثة دم المصريين ؟ .. و عندما يلقى ما يقارب عن 1500 مصرى عائدين بعد سنوات الغربة مصرعهم غرقا فى عبارة بجميع المقاييس الفنية غير صالحة للعمل .. يضحك !
ففى العشر سنوات الأخيرة اجتمعت على مصر " مصائب " قلصت دور مصر نتيجة أخطاء سياسية خارجية جعلت " صغار " الدول يتفوقون عليها فى الأثر و التنفيذ و نحن نكتفى بترديد " مصر الريادة " .. دون أن ندرى أين ذهبت ؟
ومع كل هذا المنادين بالعفو " عند المقدرة " يريدون بث حالة من " الزهامير الجماعى " داخل صفوف الشعب المصرى تقتصر حق " الأدمية " و وجوب " الرحمة " على الرئيس السابق
و كأن مئات الحالات التى " قتلت " بالتعذيب و الألاف الذين فقدوا آدميتهم فى مستشفيات التأمين الصحى و الذين سرقت معاشاتهم و تلاعبوا بها فى البورصة من أجل تحقيق المكاسب لتملأ حساباتهم السرية .. والملايين الذين جعلهم الخوف و اليأس كالأنعام أو أضل لا حق لهم فى تحقيق العدالة ممن ظلمهم .. ولأن الرئيس يبلغ من العمر الآن 82 عاما تدر له العواطف و تبكى من أجله العيون ! ... مع إنه كان من باب أولى أحرص الناس على الحفاظ على " كرامته " بين شعبه بدلا من الاكتفاء بتقارير " وردية " تخبره أن الشعب راض و يمدح فى تراب قدميه ... أو أن يكتفى فقط بمشاهدة الأفلام و استضافة فنانين " سطحيين " فى لقاء ممتد لمدة لم يحصل عليها مثلا مواطن مصرى ألقت به المقادير ظلما فى زنانزين الترحيل فى دول الخليج بعد أن ضن عليهم الوطن بخيره .
ألم يتذكر سيادته إنه فى هذا العمر يحكم شعبا يريد أن يتغير ؟ .. أن يجد حاكمه يتصل بشعبه بشكل حقيقى بدلا من زيارة خاطفة جاءت بعد سنوات عديدة لكارفور المعادى لمدة 3 دقائق !
ألم يتذكر سيادته سنه و هو يشرف بنفسه على " تهريب " المتهمين الكبار للخارج بينما شعبه يأن من الظلم و على عقد صفقات بيع أراض الوطن بالأمر المباشر ,, و أخيرا متابعة ضرب المتظاهرين بالرصاص الحى ... ليبقى هو .
ليس ذنب مصر أن هناك من يريد أن يستسهل الطريق ... أو أن يجعل لغة القلب فوق كل الحقائق و الأدلة التى تراكمت من أجل إدانة نظام " شخصى " ... أمسك بالكرسى و نسى الشعب و كانت الثورة أول خطوة للتغيير ... و التغيير أول طريقه هو المحاكمة
حتى لو كره الكارهون ...
و لن ننسى
ولن ننسى .

0 التعليقات:

إرسال تعليق