RSS

الأربعاء، 7 مارس 2012

زهايمر ... بالعواطف - ( مقال )






من كان يصدق .. ؟.... إننا حين نضحك على آداء الفنان الراحل ( محمد عوض ) و هو يؤدى بكوميديا مفرطة دور مطرب ( العواطف ) الذى يبكى من فرط رقة احساسه فتهيم فيه الفتيات حبا ... ثم نكتشف إن سر دموعه سببها ماء البصل الذى يضعه سرا فى المنديل ليحفز سقوط دموعه ... فأننا بذلك نضحك على أنفسنا أكثر .



فتلك الحيلة البسيطة قد كشفت عمليا عن ( مفتاح ) السيطرة على الشعب المصرى

فى عصر حكم الجنرلات الذى ( أدرك ) باحثا عن علاج لأخطاءه و توسيع لمطامعه أن من ( يداعب و يخدر و يرهب ) عواطف الــــشعب تسهل له قيادة أمة ... أفقدها الجنرلات حق التفكير و الحلم و الرؤية .. ليتبق أمامهم العواطف يتم التلاعب بها باحتراف مطلق .

بدءا ... من النظام السابق الذى ( اشبع ) الشعب خطبا عاطفية تردد فقط .. حكمة الرئيس .. عقلية الرئيس ... صاحب الخطوة الرئيس و زوجة الرئيس و مع دخول سيناريو التوريث حيز التنفيذ .. كاد يفرض علينا ( اكذوبة البطل المخلص ) ابن الرئيس .

.. و البعض صفق و هـــلل للفــــتات و اعتبر ما يجود به حاشية النظام هو قمة الازدهار و الديمقراطية ... و البعـــض سكت مرغما .. و قلة كانت تثور ثورة ( المجانين ) من وجهة نظر الشعب و النظام .

بينما ... السنـــوات الأخيرة كانت تشهد للعيان أسوأ أحوال مصر من ارتفاع فى الأسعار المفرط . و حوادث موت بالجملة برا و بحارا دون محاسبة ... و صفقات مشبوهه فى كل المجالات أبرزها استيراد بذور المــوت من اسرائيل ... و أخيــــرا تصدير غاز مصر إلى إسرائيل ... و اخفاقات دولية جرأت على قامة مصر ( دويلات ) تدعى بحداثتها الآن الزعامة العربية !

ثم اكتملت بانهيار الطبقة الوسطى أمام ظهور طبقات ( منفصلة ) اجتماعيا و ماديا عن شعب اعتبر فى قواميس ( سياسة الحزب الوطنى ) مجرد كمالة عدد .

و كان الأكثر طرافة فى تلك اللعبة ... حين توفى حفيد ( مبارك ) تم توزيع صورة له حين كان فى أول عمر الزهور استدرارا لتعاطف الشعــــب فــــى كل وسائل الإعلان لدواع سياسية بامتياز . بينما الطـــفل ( السوبر ) نفسه قد اختاره الله فى عمرة الـــ 13 عاما ... و فعلا نجحوا فى ذلك .

أما ( خطابات ) الرئيس السابق الأخيرة قبل اجباره على التنحى كانت مسرحية فجة قد ( فاضت ) باللغة العاطفية الناعمة أمام ثورة شعب هب لاسترداد ( مـــصر ) حيث كانت تتلون بخبث مدروس من أجل إحـــداث شرخ فـــى الـــميدان بين مؤيد و معارض ... عندما راهن على العاطفة الساذجة التى تقبل أن تسقط كل جرائم النظام .. بكلمتين ناعمتين ... وكاد للحظة أن ينجح .

و نفس المنهج ... استعمله كل رموز ( القائمة السوداء ) بعد نجاح ثورة مصر ... فالكل تلون أو استجدى التلون ببعض الدموع أو تمثيل دور الضحية أمام قسوة الشباب ( الثوار ) فى وسائل الإعلام .. لكى ينسى الجميع كيف كانوا أبواقا مفتوحة لنصرة نظام يسقط و آداه تشوه ( شرف ) ثورة الميدان ... و البعض الآن ينسى .

أما ... ما يسمى ( بالمرحلة الانتقالية ) التى شهدت ذروة الاتصال مبكرا و الانفصال مؤخرا بين غالبية الشعب و المؤسسة العسكرية بقيادة ( المجلس العسكرى ) ... الذى حفل سجله بتجاوزات مسجلة ضد الثــوار التى نالتهم بالقتل المباشر و القنص بالإعاقة و السحل و القبض على رموز ثورة مصر و من ثم تحويلهم لمحاكمات جائرة ألقت بصناع الحرية خلف القضبان ... اعتاد الخروج بيانات تبدأ دائما .. بالشعب المصرى العظيم .. و تتنهى بتقسيم ( مستتر ) بين الشعب و الثوار .. بين الـــثورة و الميدان .. و الدعوة لخروج أمن لأنه من حمى الثورة و الطريقة دائما عاطفية .. و تجد النجاح .


و على نفس الوتيرة خاضت مصر انتخابات لمجلسى الشعب و الشورى الى اعتمدت فيها الكتل السياسية الاسلامية على حالة القصور السياسى و التخبط فى الاختيار لدى شرائح عريضة فى المجتمع المصرى .. ليصبح المنبر مساحة لكسب العواطف باسم الدين و اللعب بحلم الجنة ... و الكثير صدق ... و قلة فقط من تذكرت منشورات الجماعات التى تختال بقوتها الآن تحت قبه البرلمان ... تنادى فى ذروة أيام الثروة بعدم الخروج فى المظاهرات و تحريم بفتاوى حق التظاهر أو الخروج عن طاعة الحاكم .. حتى لو كان ظالما !! .. ثم تناسوا .

مما جعل هيئة دفاع ( الرئيس السفاح ) تقود بدورها موجة التلاعب بالعواطف ليذهب (فريد الديب) محامى المخلوع إلى أقصى درجات الخيال ليصف ( الرئيس الراقد ) بأنه ملاك بجناحين و نسر جريح و أيوب العصر ... ثم يختمها بقولة الشعر الشهيرة على لسان موكله " بلادى و ان ضنت على عزيزة و أهلى و ان ضنوا على كرام " ... و حوله والديه يمسكان أمام الكاميرات ( بالمصحف الشريف) !

و أصبح الشعب المصرى الباحث عن عدالته ... أقسى من جاهلية قبيلة قريش !!

و تتباكاه حاليا جماعات " كلابك ياريس " و تروج لحالة عاطفية داخل فئات من الشعب المصـــــرى يدعمها إعــــلام و إعـــلاميين يلقون كل الحماية و الرضا ... تطلب له العفو و التقدير أيضا .

ليصبح نتاجا طبيعيا لتلك المرحلة المريرة أن نجد مذيعا يتعـــمد ( لغة الجنوب ) يهــلل و يمجد بها للعسكرى و جرائمه فى حق الثوار بلسان ( عليم ) مستغلا خوف مشاهديه البسطاء ضد شرعية الثوار .. و اخر يروج للـركاكة ( الإعلامية ) باسم الرغبة فى الاستقرار حتى صرح بعض ( مردييه ) أن مذيع الثورة المضادة يستحق جائزة " نوبل " !


رئيس سابق .. مجلس عسكرى .. اسلاميون .. متحولون ... و مهللون الكل مازال يراهن على أن هذا الشعب ( نقطة ضعفه ) تكمن فى عاطفته التى ببعض المجهود لمغازالتها بتصريحات و بيـــانات و فـــتاوى قد يسقط صــــفحات مــــن الإساءة و الظلم و قلب الحقائق و سرقة الثورة .

لكن متى يدرك هؤلاء أن هناك جيلا صنع ثورة لها قلب ... و عقل ؟؟

و سيحميها .

بقلم
إسلام البارون



0 التعليقات:

إرسال تعليق