فى الوقت الذى يشيع فيه " مدعو " لغة العقل بعد الثورة المصرية أن عجلة الانتاج فى مصرتكاد أن تتوقف و منحنى الاقتصاد المصرى يواجه خطر اللون الأحمر ... و السبب عندهم هو الثورة و من فكر فيها و من قام بها و من آمن بها و ليس إلا .. نجد أن محترفى صناعة " عفريت الأمن " خارج تلك المعادلة ... فيوميا يلقى فى شوارع مصر آلاف الشائعات المروجة لحالة من الفزع المتعمد تحت ستار ما يسمى "الفراغ الأمنى".. ولأننا شعب تعودنا أن نصدق بوجود العفريت حتى دون أن نراه أخذنا نكبره و نرعاه على كل المستويات الاجتماعية بهاجس " الخوف " فاصبح يكفى فقط قراءة عنوان لجريمة فى صحيفة أو فى فقرة تليفزيونية حتى ( تتحفز ) الأعصاب و يطل القلق من العيون ... و كأن البديل كان فى مصر ( مبارك ) كما يروج أصحاب النفس القصير و مروجو سيناريوهات الاستسهال !
رغم أن ملف الأمن فى مصر برئاسة وزير الداخلية السابق / حبيب العادلى لا يخفى على عاقل قد تحول إلى أداه فاضحة لترويع كل من يتجرأ على الإحساس بآدميته أو تخطأ به الظنون حين يعتقد إنه مواطن مصرى على أرض مصرية ... فكليبات " التعذيب " مازالت منتشرة على شبكة ( الإنترنت ) شاهدة على ما جرى لمن نسى ... حتى تحولت أغلبية الشعب المصرى من منطقة حق المواطنة إلى مستوى " الرهينة " يفعل فيه كما يشاء من أجل تنفيذ سيناريوهات التوريث حتى لو على حساب أمن مصر نفسها .. لكن مع الثورة حملت فلول ( المستفدين ) من العهد الماضى حق تصنيع و توزيع ( عفريت ) الهاجس الأمنى .. و للأسف البعض يصدقه .
لتختزل الثورة المصرية من ( حالة ) شعبية كشفت عن وعى و إدراك بأن مصر تستحق أفضل مكانا من " ذيل القائمة " التى تسبب فيها " قائد العبور و التنمية " و من بعده كان سيأتى ابنه " مـــــفجر ثورة التغيير ".. ليــرث مصر و من عليها .. إلى مجرد ( فشل أمنى ) يصنعه البعض و يروج له أغلبية .
فمن المفارقات التى تثير الدهشة هو أن معظم الشعب مازال يمارس حياة طبيعية بنسبة مرتفعة مقارنة بأى دولة فى العالم مرت بما تمر به مصر من ثورة تغيير حقيقى من عصور ديكاتورية تكالبت عــــلى الوطن ... إلا أن هناك من يصر على ترديد جملة " أصل مفيش أمن " .. رغم أنه فى الإحصائيات الرسمية لوزارة الداخلية نفسها قد أكدت حتى عام 2010 ارتفاع معدلات الجريمة فى مصر ففى الريف فقط حيث ارتفعت معدلات السرقة والنصب فى الريف المصرى الى 85 % مقارنة بنسب الجريمة عام 1980 .. بينما بلغ عدد القتلى 130 قتيل و 850 مصاب فى الريف فقط ... أما فى القاهرة وحدها حدث و لا حرج تحرش جماعى و اغتصاب و جرائم لأبناء الكبار التى ستفضح فى المستقبل القريب و هناك ملفات جرائم تصل للخيانة العظمى ... و من الواضح أن ليس هناك من يريد أن يسأل نفسه أى أمن نريد ... ؟ هذا الأمن الذى كان يديره " فساد " أمين الشرطة الذى اقتصرت مهتمه على تقليب أصحاب الشكاوى أو بيع المحاضر أو تزييف الأقوال و تلبيس القضايا للأبرياء .. إلخ . أم الأمن المتمثل فى تراخ " الضابط " أو احساسه بانه " كائن " فوق القانون حدد دوره فى ( الأبهه ) الإجتماعية و( تفييم ) الزجاج ووضع الأرقام الخاصة لسيارته و فرض سطوته على من حوله و الإشراف على حالات التعذيب ؟ .. أم الأمن هو تلك الأقسام التى كان يحظر فيها فتح ( الموبايل ) الهاتف المحمول خوفا من تسريب لمخالفة جديدة تضاف إلى سجل " دموى " فى عصر العادلى و أعوانه ؟
و التى أخيرا انتهت بتواطئ " مثبت بالأدلة على أمن مصر " بداية من تدبير حادثة كنيسة القديسين بالإسكندرية و من ثم اعتماد أسلوب قتل المتظاهرين بالأمر المباشر !
و يبقى أيضا السؤال الأخير لمن يدعون بأن نسبة البلطجية قد زادت بعد الثورة ... فهل هؤلاء البلطجية هبطوا علينا من الجحيم عقابا على للثورة المصرية أم إنهم كانوا فعلا موجودون و يسيطر عليهم رجال الأمن عبر صفقات " قذرة " تسمح لهم بممارسه نشاطهم الإجرامى فى مقابل ( رد الجميل ) فى موسم الانتخابات .. و تبقى انتخابات 2010 شاهدة عيان على الاستخدام الصريح لهم .. لكن مع تقهقر " رجال العادلى " أمام إرادة الشعب المصرى فى التغيير وجدت البلطجة فرصة ثمينة للظهور أكثر مواكبا لإصرار بعض " رجال الداخلية " فى رفض العودة كضباط يخدمون الشعب دون لقب " الباشا و البيه " و هالة الحصانة التى تراكمت على بدلته الرسمية فى دولة قمعية فى فرض حالة عقاب جماعى على الشعب عبر تأجيل و تباطؤ عودتهم مع نفخ " المصلحجية " و أصحاب الأجندات " فى صورة " العفريت " لإخافة شعب ذنبه الوحيد إنه اختار حق أصيل فى ممارسة حريته ... فى وقت مازال دور الإعلام يقتصر على جمع الأخبار التى " تبرر " وجود العفريت بغض النظر عما يحدث على فى الشارع من تحسن ملحوظ ... بل باتت البلطجة فى البرامج حدثا جاذبا رغم أنف أمن مصر .
الثورة قام بها مصريون لتعود مصر لأهلها .. وواجب على أهلها بدلا من مهاجمتها و ترديد ما يشاع هو أن نعمل لغة العقل ضد من يصرون على صناعة " العفريت " و تكبيره و رعايته من أجل مكتسبات خاصة .. فالأمن حق لنا ... و الضابط الشريف فخر لنا .. و الوزارة التى تحمى شعبها .. درع لنا أما غير ذلك من سيناريوهات التخويف و محاولات الرجوع بنفس السطوة القمعية و حصانة " الألهة " باسم " عفريت الأمن " .. فلن به نقبل أو نخاف .
--------------------------------------------------------------------------------
2 التعليقات:
حقيقة معك تماما
شكرا يا استاذ أحمد .. و ربنا يحمى مصر بشبابها إل زيك
إرسال تعليق