RSS

الخميس، 9 مايو 2013



( 6 )
عبد الإله

إهداء ...
إلى أرواح شباب هزموا الخوف يوم 25 يناير  .

بكل تأكيد لن تحدد مكانه وسط الكتلة السوداء المصطفة بانتظام تقطع مساحة عرض الشارع ... لكن بحركة ( زوم ) أكبر قد تراه فى الصف الأول من تلك الصفوف المتراصة بتحفزها منذ ساعات الصباح .. هاهى بعض ملامحه الحادة الملفوحة بقسوة شمس الجنوب تـــفر بالصدفة من داخل خوذة معدنية تضاعف حجم رأسه فى حين زيه الأسود " الميرى " وعصا بجواره تنافسه فى الطول تكتمل باقى هيئته التى ارتدت مطلع سنواته (الشابة) كفرد أمن مركزى.. لكنه حقيقة قبل اليوم لم يشغل باله من قبل بأن يجد أى اختلاف بين وقوفه اليومى منذ سنتين فى طـــابور تحيـــة القائد صباحا و بين انضامه لطوابير " العمال السريحة " منذ أن تعرفت قدميه على شوارع العاصمة ... إلا من بعض الشجار القصير مع زميل أخر حول أحقية الوقوف بجوار نافذة سيارة النقل الضخمة رغبة فى أن يقتنص بعضا من الحياة المدنية بينما تدهس هى الشوارع بعجلاتها الكبيرة قبل أن تلقى به أمام كتلة غاضبة .

اليوم جاؤا إلى هنا ...

- مجند " عبد الإله "... اجمع هنا.

ركـــب الحرف الأخير للأمر بخطوة سريعة متجها نحو " القائد " الذى يسير ذهابا وإيابا يتباهى أمام عين الشمس بعدد النجوم المستريحة على كتفيه.

- تمام يا فندم .
- خليك دايما ورايا .

بشحنة فخر تراجع خطوتين سمحت له بتكوين انسحاب فراغ مناسب له بين مجندين يأكلانه بعيون الغيرة فالقائد منذ أن أدرك مهارته الخاصة فى استخدام العصا يجعله يتبع ظله .

الوقت يستطيل و يتمدد ...
يحاول أن يوزع  حمل جسده بين قدميه تحت وطــأة طول الانـــتـظار بينما يسلى ملله بترديد خافت لبيـــتين شعريين ساذجين قبل أن يستجيب بكل رضا لذكرى الإجازة الأخيرة وهو يناور بعصاته فى " مباراة تحطيب" فى أحد أفراح قريته وهناك لاحظها تلاحقه بفضول عيناها.. إنها بنت قريته " وردة ".
حتى إنه الآن بات يشـــد خطا يوميا بالطابشور .. يغلق حزمة .. يفتح أخرى فوق  طبقة الجير الرمادية  على حائط العنبر مع أن القائد يجبره أحيانا على أن  يمد مدة خدمته وراء ظله .

- ( شوشرة لاسلكى ) .... يا باشا العيال ولاد ( .........)  بتقرب من عندك .
- قوة استعد.

مع أمر أخر ....
أسلم حنجرته لتشارك معهم صيحة مجمعة خشنة المخارج تتوزاى مع إيقاع منتظم لدقات " البياده الميرى " .. شكلت نوعا من موجات الرهبة تتصدى مسبقا لرذاذ هتافات يقترب .
تحفز واضح ..
هنا  القائد تنفلت من يديه حركة عصبية نحو كتفيه لتؤكد له على استقرار النجوم اللامعة .
يزيد لأجله ... مستوى صيحته أكثر .

عند المنعطف اشتعل الشارع ...
هاهى تلك الكتلة الملونة التى اقتلعت جامعى " النجوم " ومربى " النسور " من مقاعدهم بذعر مختلف تقتص بجرأة غير معتادة مساحة تلو الأخرى من الأسفلت المواجه للقــائد .
- هما إزاى مش خايفيين ؟

المسافة بينهما تتضاءل جدا ...
بحركة لاإرادية يحفز تقسيمات عصاته ... يكرر على نفسه ما تعلمه عنهم من القائد فى المعسكر ... هؤلاء مخربون ... أعداء الوطن ... أراجوزات للخارج ... الجميع مجرد كتلة , ثم أطلق فيهم عصاته تحصد عددا من الأهات الطويلة والقصيرة ... يتفادى عدة هجمات مضادة ... سحب الغاز التى يدفع بها زملاءه تزيل حدود الأشكال من أمامه ... يتوغل فيهم أكثر .
لكن مع أول مساحة رؤية جذبت إنتباهه باندفاع عيونها الواسعة مع لافتتها الكرتونية تسعى مع أنفاسها المختنقة أن تشق لها طريقا جريئا نحو القائد ...

هناك ..
نجوم القائد مازالت تلمع داخل دائرة أجساد سوداء محيطة .

ببعض الانقضاض على الفراغ المتاح واجه لافتتها قاطعا عليها الطريق ... لم تتراجع أمامه ... ببعض مما تبقى فيه من كتاب المطالعة القديم يجتهد أن يفك شفرة لافتتها ( أ ... ر ... ح ... ل ) .
وجه لها عيونه الدهشة .

- سيادة القائد يرحل مرة واحدة  ؟

هتفت فى وجهة المندهش  باسم ... الوطن .

غضب الكتلة يسكب من ثقب فى السماء .

ينشغل عنها بردع عدة أصوات حارة ... الكتلة تزيد عليه مرات ... وجه الأسفلت يشرع يتآكل بسرعة تحت زحف مختلف لم يدربه عليه الــــــقائد مــــــــــــنذ أن ألصق فى يديه عـــــــــصا بدأت تأن ممن كثرة الذهاب و الإياب على الأجساد الممتلئة بالغضب .. يحاول أن يثبت بما تعلمه .. زملاء العنبر بإجهادهم باتوا يمارسون دور ورق شجر الخريف .
هناك ..
نجوم القائد ... تكاد تختفى داخل أمواج الغضب .

- عبد الإله ... اثبت .

يحاول حقا أن يلحق بباقى قوته المتسربة مع رحيل النهار لاستكمال متطلبات تنفيذ الأمر ... الكتلة تتـــضاعف حوله تصاعديا... يتوقف أخيرا..الكتلة أمامه تتفــكك ببساطة لوجوه يكاد يعرفها فى تجوله اليومى بين شوارع المدينة .
هتافاتهم تشبه لافتاتهم ... تتحدث عن القائد بقسوة .
ألوان العلم معهم هنا ... أكثر بريقا عن علم المعسكر .
بحث عنها لتعود إلى داخل منطقة دهشته و هى متكورة على الأرض يرتعش جسدها كسحابة على وشك التصدع بينما يتصديها كمين من أخر الوجوه العــابسة لكنها لم تغادر لافتتها بعد .
هناك
القائد يحمل دقات قلبه بين عينيه .

- سيادة القائد ... بيخاف ؟

نظرتها المســــــتنجدة ببعض الرحمة تعيد تشكيل الأشياء بداخله ... يتنازل عن صورة القائد التى تملأ عينه وهو يخترق نحوها بجسده المشدود  " تشكيلا مرعبا " ينذر بكل يقين ضلوعها المرتعشة بحملة جديدة من الألم .... يغطيها بسمرته .

- اضرب .... با ابن .................

لم يستجب للأمر .
لحظتها بالذات ... زملاء العنبر لم يعرفوه .

هناك ...
رغم الألم  الذى يجمعهما معا .
...  يتابع معها بين فراغات السيقان المتشابكة فوقه
نجوم القائد
تتساقط .....

الأربعاء، 8 مايو 2013

رحاب .. أنتى - ( قصيدة شعرية )


قصيدة .. ظلت تتوسل كثيرا
النشر .. و كنت دائما أمنيها
بفجر .. قتله اختيار
وظلت معلقة .. كأخر قصيدة عشق
صغتها فيك .. حتى صارت فقط قصيدة
كتبت

رحاب ...
أأتجرأ حين أن أبوح  للشمس بحروف اسمك صراحة ؟
حين أطلقها كخيول برية تجرى بين ساحات ضلوعى ..
كى أقطف منها بعضا من الراحة .
و أنا أتدلى بأبياتى تحت شرفات شعرك البنى ... جنى أنا 
أثمر على وجنتيك كرزا  أحمر .. و عطور ا
و أملا بحياة صداحة .
كم تدركين .. إنى حين أحببتك صارعت تقاليد عشقى . 
بكل وقاحة .
فلم أقوى بعصمة أمرى .. أن اعتصم أمام بحيرات عينيك الخضراء .
ببعض الرجاحة .

أنت
رحاب ..
أطلق فيها فواقل كلماتى تسعى إليك من مساء مدينتى
بكل سماحة
اقترضك منهم  .. ملكة لماحة . 
و استعيرك  لنفسى .. لؤلوة سباحة .
.. و لا يدركنى ( تكسير ) لغتى على شوائطك
بكلمة تجعلنى اسكب كل بحارى و أنهارى
و زوارقى
و اعتزل فن الملاحة .. بين لهف العيون حولى
و تكفينى للأبد نظرة منك تحيل بها حياتى واحة .

أسقى فيها من عين باسمة ..
و أعانق آنية امراة تمتد جذورها فى أوردتى 
بكل استباحة ..

عذرا
رحاب 
.. حين أذكرك لنفسى بكل صراحة
فحبك جمر نار يحرق خرس شراينى
حتى أقول
أحبك صديقتى ... أحبك بحب حبيبتى
أحبك ..
فى صمتك .. و صخبك .. و سكونك .
حب .. يكيفه أن أردد اسمك
فتستكين روحى .. فوق فؤادى
بكل راحة .


27- 1- 2012
إسلام البارون